أعمارنا والزمان
أعمارنا والزمان
الزمان لا وجود له في الواقع هو فقط موجود افتراضي من صنع البشر .
الزمن واحد لا يتجزّأ ولا يتعدّد ليس له أول ولا آخر
والإنسان وحده الكائن الذي يريد اختراقه وتجزئته وتقسيمه وتحديده وقياسه على المقاس الذي يريده
الزمن واحد لا يتجزأ ولا يتعدّد هو كالوجود إذا لم نقل هو صفة له هو مطلق لا بداية ولا نهاية له ،
وإنما الإنسان وحده الذي يُريد تحديده وتعيينه ليُعطي لوجوده معنى يطمئنّ له الإنسان وحده الذي يريد تقسيمه ليُعطي لنفسه منه جزءا يخُصه
يُسميه عُمرا وهو من عمّر يُعمرُ ، عمرا يعيش به ، يُمرحله
يًحدّد به مسيرته ، يُعيّنه ويُؤطّره كما لو أنه خالد
وهو في الحقيقة خالد بالضرورة بحكم انتسابه لهذا الوجود الدائم الأزلي الأبدي
لكن لا كإنسان بالضرورة متعيّن متميز كما يريد وكما يشتهي وإنما كأي شيء آخر متغير إلى الأبد
إذ لا شيء يفنى في الوجود و إنما كل شيء يتغير وفي ذلك سرّ التواجد.
الزمن إذن لا وجود له في الواقع وليس هو محددا لشيء بعينه وإلا فما بالكم بزمن يمرّ بنا سريعا
في لمح البصر ولا يُؤثر فينا تأثيرا سلبيا فنفرح به وبزمن آخر نعيشه ببطء شديد حتى نكبر ونهرم ولا يفيدنا بشيء وننهدمُ في الآخر .
كلاهما من الناحية العددية نفسُ الزمن لكنهما من الناحية الطبيعية والكيفية ليسا واحدا . هذا ما يجعلنا نكتشف أن لكل جسد زمانه وليس لكل زمن نفس الجسد . فالزمن إذن ليس واحدا يمكن تجزئته وتعداده واتخاذه مقياسا واحدا للعمر حتى لا نقول بعدم وجوده إطلاقا وإنما الذي نتحدث عنه فصناعة بشرية افتراضية كغيرها من الصناعات الافتراضية التي يحلو للمخيال البشري ابتداعها وطرحها للوهم من المعرفة . وكم هو كثير ما لنا من هذه المعرفة .
أنا لا أرى للوجود زمانا أبدا فلا لموجوداته من زمان أيضا .
فلا معنى إذن للخوف من طول العمر أو قصره عمر الإنسان إذن ليس هو بعدد السنين التي تخصه وتحسب له .
وإنما هو نتيجة للعوامل والظروف المختلفة المكونة له : الأحوال المناخية والاجتماعية والنفسية
ومجموع العوامل التربوية والتعليمية والثقافية وكل ما يحيط به مشارك في تكوينه ولهذا يقال :
إن المرء ابن بيئته .ولا يقال أبدا إنه ابن عمره .
للاطلاع على المزيد من مقالات الرأي الثقافية زر موقع ثقافتنا
التعليقات مغلقة.