After Header

أعمارنا والزمان

133

 

أعمارنا والزمان

الزمان لا وجود له في الواقع هو فقط موجود افتراضي من صنع البشر .

وهو زمان واحد مطلق لا يتجزّأ ولا يتعدّد ليس له أول ولا آخر

والإنسان وحده الكائن الذي يريد اختراقه وتجزئته وتقسيمه وتحديدُه وقياسه على المقاس الذي يريده

الزمان واحد مطلق لا يتجزأ ولا يتعدّد هو كالوجود بل هو صفة له هو مطلق أزلي أبدي

 لا يبدأ ولا ينتهي     

وإنما الإنسان وحده الذي يُريد تحديده وتعيينه ليُعطي لوجوده معنى يطمئنّ له

الإنسان وحده الذي يريد تقسيمه ليُعطي لنفسه منه جزءا يخُصهةيُسميه عُمرا

 وهو من عمّر يُعمرُ ، عمرا يعيش به ، يُمرحلهيًحدّد به مسيرته ، يُعيّنه ويُؤطّره كما لو أنه سيُخلُّدُ .

هو دائم بالضرورة بحكم انتسابه لهذا العالم الأزلي الأبدي

 لكن لا كإنسان بالضرورة متعيّن متميز كما يريد وكما يشتهي  وإنما كأي شيء في هذا الكون

متغير إلى الأبد

إذ لا شيء يفنى في الوجود  و إنما كل شيء يتغير وفي ذلك سرّ التواجد في هذا العالم

 الزمن إذن لا وجود له في الواقع  وليس هو محدّدا لشيء بعينه

 وإلا فما بالكم بزمن يمر بنا سريعا في لمح البصر ولا يُؤثّر فينا تأثيرا سلبيا فنفرح به

 وبزمن آخر نعيشه ببطء شديد حتى نكبُر ونهرُم بسرعة ولا يفيدنا بشيء وننهدمُ في الآخر .

كلاهما من الناحية العددية نفسُ الزمن لكنهما من الناحية الطبيعية والكيفية ليسا واحدا أبدا .

هذا ما يجعلنا نكتشف أن لكل جسد زمانه وليس لكل زمان نفس الجسد .

فالزمن إذن ليس واحدا يمكن تجزئته وتعداده واتخاذه مقياسا واحدا للعمر حتى لا نقول بعدم  وجوده إطلاقا وإنما الذي نتحدث عنه فصناعة بشرية افتراضية كغيرها من الصناعات الافتراضية التي يحلو للمخيال البشري ابتداعها وطرحها  للوهم من المعرفة  . وكم هو كثير ما لنا من هذه المعرفة .

أنا لا أرى للوجود زمانا أبدا ولا لموجوداته من زمان مطلقا ولا معنى إذن للخوف من طول العمر أو قصره لأن للحياة معنى واحدا يكمن في الإحساس بها دائما ولا شيء غير ذلك أبدا .

 

للاطلاع على المزيد من مقالات الرأي الثقافية زر موقع ثقافتنا

التعليقات مغلقة.